
اضطراب الهلع: الأعراض، الأسباب وطرق العلاج
الفهرس
يُعد اضطراب الهلع أحد أبرز اضطرابات القلق التي تؤثر بشكل مباشر على جودة حياة الفرد اليومية. يتميّز هذا الاضطراب بنوبات مفاجئة ومتكررة من الخوف الشديد أو الشعور بالذعر، دون وجود خطر حقيقي واضح. هذه النوبات تترافق مع أعراض جسدية مزعجة، مثل تسارع ضربات القلب، ضيق التنفس، التعرق، والدوار، مما يدفع المصاب للاعتقاد أنه على وشك الموت أو فقدان السيطرة.
يصيب اضطراب الهلع الرجال والنساء، إلا أن النساء أكثر عرضة للإصابة به. وغالبًا ما يبدأ في أواخر مرحلة المراهقة أو بداية البلوغ. ما يميز هذا الاضطراب هو أن النوبات تحدث بشكل مفاجئ، وقد تؤدي إلى خوف مزمن من تكرارها، مما يجعل المصاب يتجنب أماكن أو مواقف معينة خوفًا من حدوث نوبة جديدة.
مفهوم اضطراب الهلع
اضطراب الهلع هو اضطراب نفسي يُصنَّف ضمن اضطرابات القلق، ويتميز بنوبات غير متوقعة من الخوف أو الرعب الشديد، والتي تترافق مع أعراض جسدية قوية تشبه أحيانًا أعراض الأزمة القلبية. يشعر المصاب خلال النوبة بفقدان السيطرة على جسده أو إحساس قوي بالاقتراب من الموت، رغم عدم وجود أي تهديد فعلي.
النوبات تستمر عادةً من دقائق إلى نصف ساعة، وقد يرافقها شعور بالانفصال عن الذات أو الواقع. وبعد عدة نوبات، يبدأ المصاب بتطوير خوف دائم من النوبة القادمة، ما يُعرف باسم “القلق التوقعي”، وغالبًا ما يؤدي هذا إلى تغييرات سلوكية مثل تجنب الأماكن العامة أو القيادة، أو الامتناع عن الخروج بمفرده، خوفًا من التعرض لنوبة أخرى.
أعراض اضطراب الهلع
تظهر نوبات الهلع بشكل مفاجئ، وغالبًا دون سابق إنذار، وقد تشمل مجموعة من الأعراض الجسدية والنفسية الشديدة التي تبلغ ذروتها خلال دقائق قليلة. يشعر المصاب بخوف حاد من فقدان السيطرة أو الجنون أو الموت الوشيك.
تشمل الأعراض الجسدية الشائعة: خفقان القلب، التعرّق الشديد، رجفة أو اهتزاز، ضيق أو انقطاع النفس، الشعور بالاختناق، ألم أو ضيق في الصدر، الغثيان أو اضطرابات في المعدة، الدوخة أو الشعور بالإغماء، الإحساس بالحرارة أو البرودة، والتنميل أو الوخز في الأطراف.
أما الأعراض النفسية فتشمل: الخوف من فقدان السيطرة، الإحساس بالانفصال عن الذات أو عن الواقع، والخوف الشديد من تكرار النوبة أو من الموت المفاجئ.
غالبًا ما يكون تأثير هذه الأعراض كبيرًا لدرجة أن المصاب يتوجه إلى أقسام الطوارئ معتقدًا أنه يعاني من أزمة قلبية أو حالة طبية خطيرة، بينما في الحقيقة تكون الأعراض ناتجة عن نوبة هلع.
أسباب اضطراب الهلع
- العوامل الوراثية: وجود تاريخ عائلي للإصابة باضطرابات القلق أو الهلع يزيد من خطر الإصابة.
- الاختلالات الكيميائية في الدماغ: مثل اضطراب توازن النواقل العصبية، خاصة السيروتونين والنورأدرينالين.
- العوامل النفسية: القلق المزمن، الصدمات النفسية، أو التعرض لضغوطات شديدة في الحياة مثل فقدان أحد الأحبة أو الطلاق.
- سوء فهم الأعراض الجسدية: بعض الأشخاص يفسرون الأعراض الطبيعية (مثل تسارع القلب) بطريقة سلبية، مما يؤدي إلى تصاعد القلق وبدء نوبة الهلع.
- أنماط التفكير السلبية: مثل تضخيم الأحداث أو توقع الأسوأ دائمًا.
- استخدام مواد منبهة أو محظورة: مثل الكافيين بكثرة، أو المخدرات، أو الكحول.
- اضطرابات طبية: مثل مشاكل الغدة الدرقية، أو أمراض القلب، التي قد تحفز الأعراض الجسدية لنوبات الهلع.
أنواع اضطراب الهلع
- نوبات هلع غير متوقعة: تحدث دون أي محفز أو سبب واضح، وهي الأكثر شيوعًا.
- نوبات هلع متوقعة: تحدث نتيجة لموقف معين معروف للمصاب، مثل الصعود للطائرة أو التحدث أمام جمهور.
- اضطراب الهلع المصاحب برهاب الأماكن: حيث يخشى المصاب التواجد في أماكن يصعب فيها الهروب أو الحصول على مساعدة إذا حدثت نوبة، مثل الأسواق أو المواصلات العامة.
- نوبات هلع ليلية: تحدث أثناء النوم وتوقظ المصاب فجأة بأعراض هلع شديدة دون سبب واضح.
- نوبات هلع مرتبطة بمشكلات طبية أو نفسية أخرى: مثل القلق العام أو الاكتئاب.
طرق تشخيص اضطراب الهلع
يعتمد تشخيص اضطراب الهلع على تقييم سريري دقيق يجريه طبيب نفسي أو أخصائي صحة نفسية. يبدأ التشخيص عادة باستبعاد الأسباب الجسدية المحتملة، مثل أمراض القلب أو اضطرابات الغدة الدرقية، من خلال فحوصات طبية.
بعد التأكد من غياب الأسباب العضوية، يتم اعتماد المعايير التشخيصية المذكورة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5)، والتي تنص على أن الشخص يجب أن يكون قد تعرض لنوبتين على الأقل من الهلع المفاجئ، غير المتوقع، تتبعهما لمدة شهر أو أكثر من:
- قلق مستمر من حدوث نوبات جديدة.
- قلق من مضاعفات النوبات (مثل فقدان السيطرة أو الإصابة بأمراض خطيرة).
- تغيرات سلوكية واضحة، مثل تجنب أماكن معينة.
من المهم أن لا تكون هذه الأعراض نتيجة مباشرة لتعاطي مواد معينة أو اضطرابات نفسية أخرى.
طرق علاج اضطراب الهلع
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): من أكثر الأساليب فعالية، ويهدف إلى تعديل الأفكار السلبية المرتبطة بالنوبات وتغيير ردود الأفعال تجاه الأعراض.
- العلاج بالتعرض التدريجي: يتم تعريض المريض بشكل تدريجي وآمن للمواقف التي تثير نوبات الهلع، مما يساعده على التعود والتغلب على الخوف.
- العلاج الدوائي:
- تمارين الاسترخاء: كالتنفس العميق، التأمل، واليوغا، تساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتقليل الاستجابة الجسدية للقلق.
- التثقيف النفسي: يساعد المريض على فهم طبيعة الاضطراب وأعراضه، مما يخفف من الخوف المرتبط به.
- دعم الأسرة والعلاقات: من خلال إشراك العائلة في خطة العلاج وفهمهم لطبيعة الحالة.
طرق الوقاية من اضطراب الهلع
رغم أن اضطراب الهلع قد لا يمكن الوقاية منه بشكل كامل، إلا أن هناك طرقًا فعالة لتقليل احتمال ظهوره أو منع تفاقمه. تبدأ الوقاية بمعرفة العلامات المبكرة للقلق، والسعي للحصول على الدعم النفسي في المراحل الأولى. كما أن تبني أسلوب حياة صحي، يشمل ممارسة الرياضة بانتظام، الحصول على قسط كافٍ من النوم، وتجنب المنبهات مثل الكافيين، يساهم في تقليل خطر التعرض للنوبات.
التعامل مع التوتر بشكل سليم، واستخدام تقنيات مثل التأمل وتمارين التنفس، يمنح الفرد قدرة أكبر على السيطرة على مشاعره. كذلك، من المهم تجنب العزلة الاجتماعية، والحفاظ على علاقات داعمة. وإذا كان هناك تاريخ عائلي أو شخصي للقلق أو نوبات الهلع، فإن المتابعة النفسية المنتظمة قد تكون وسيلة فعالة للحد من ظهور الأعراض بشكل حاد.
ختامًا…
✔️ إذا كنت تعاني من نوبات مفاجئة من الذعر أو الخوف الشديد، تصاحبها أعراض جسدية مزعجة مثل خفقان القلب أو ضيق التنفس، فقد تكون هذه أعراضًا لاضطراب الهلع. لا تتجاهل هذه العلامات — التشخيص والعلاج المبكر يصنعان فارقًا كبيرًا في السيطرة على الأعراض واستعادة جودة الحياة.
المصادر المستعملة لكتابة المقال:
Panic Disorder – National Institute of Mental Health (NIMH)
Panic attacks and panic disorder – Symptoms and causes – Mayo Clinic
Panic Disorder: What You Need to Know – National Institute of Mental Health (NIMH)
Panic Attacks & Panic Disorder: Causes, Symptoms & Treatment