
اضطراب التوهم المرضي: الأعراض، الأسباب وطرق العلاج
الفهرس
في بعض الأحيان، قد يشعر الشخص بقلق مفرط حول صحته، بحيث يظن وجود مرض خطير بالرغم من عدم وجود دليل طبي يدعم ذلك. هذه الحالة تعرف بـ اضطراب التوهم المرضي، وهو اضطراب نفسي يُسبب شكوكًا غير واقعية حول وجود مرض مزمن أو خطير.
يعاني المصابون بهذا الاضطراب من خوف دائم من الإصابة بمرض، مما يدفعهم إلى مراجعة الأطباء باستمرار، أو البحث المفرط عن الأعراض التي يفسرونها بطريقة خاطئة. هذا السلوك قد يستهلك وقتهم، طاقاتهم، وأحيانًا يؤدي إلى تعطيل حياتهم الاجتماعية والعملية.
في هذا المقال، سنتناول مفهوم اضطراب التوهم المرضي، وأعراضه، أسبابه، أنواعه، كيفية تشخيصه، طرق العلاج، ووسائل الوقاية منه، بأسلوب مبسط ومفيد للباحثين.
مفهوم اضطراب التوهم المرضي
اضطراب التوهم المرضي (Illness Anxiety Disorder) هو حالة نفسية تتصف بخوف مفرط وغير منطقي من الإصابة بمرض خطير أو مزمن، رغم عدم وجود أعراض طبية واضحة أو وجود أعراض بسيطة لا تبرر هذا القلق.
يختلف هذا الاضطراب عن الهوس بالأعراض الجسدية (Somatic Symptom Disorder)، حيث يركز الشخص هنا على الخوف من المرض نفسه وليس على الأعراض الجسدية، وقد يقضي وقتًا كبيرًا في البحث عن معلومات طبية أو في طلب الفحوصات الطبية.
غالبًا ما يكون هذا القلق مستمرًا لستة أشهر أو أكثر، ويتسبب في تدهور جودة الحياة، ويؤثر على الوظائف الاجتماعية والمهنية.
أعراض اضطراب التوهم المرضي
تتسم أعراض اضطراب التوهم المرضي بالقلق المفرط والمستمر من الإصابة بمرض خطير، بالرغم من وجود نتائج طبية طبيعية أو غياب الأعراض المرضية الواضحة.
يعاني المريض من مخاوف مستمرة، ويراقب جسده بشكل مفرط، ويفسر أي شعور طبيعي أو عرض بسيط كعلامة على مرض خطير. قد يطلب فحوصات طبية متعددة، ويزور أطباء مختلفين، ولكن نتائج هذه الفحوصات لا تطمئنه.
كما يصاحب هذا القلق توترات نفسية مثل التهيج، الأرق، واضطرابات التركيز. قد يتجنب المريض مواقف معينة تخيفه أو تزيد من قلقه حول الصحة، كما قد يطلب ضمانات متكررة من الأطباء أو من المحيطين.
هذا القلق المرضي يؤثر سلبًا على حياته اليومية، وقد يؤدي إلى الانسحاب من العمل أو الأنشطة الاجتماعية.
أسباب اضطراب التوهم المرضي
أسباب اضطراب التوهم المرضي متعددة ومتشعبة، منها:
- العوامل النفسية: مثل القلق العام أو الاكتئاب.
- تجارب سابقة مع مرض خطير، سواء لنفس الشخص أو لأحد أفراد العائلة.
- تأثر الفرد بمعلومات طبية خاطئة أو مبالغ فيها من الإنترنت أو المحيط.
- الشخصية القلقة أو الحساسة تجاه الأعراض الجسدية.
- الضغط النفسي المستمر أو ضغوط الحياة.
- التعلم من نماذج سلوكية في العائلة أو المحيط الاجتماعي.
- خلل في معالجة المخاوف والأفكار السلبية حول الصحة.
- العوامل البيولوجية مثل اختلالات في توازن النواقل العصبية المرتبطة بالقلق.
أنواع اضطراب التوهم المرضي
ينقسم اضطراب التوهم المرضي إلى أنماط مختلفة بحسب طبيعة القلق وشدة الأعراض، ومنها:
- النمط المرتاب: يشك في وجود مرض خطير دائمًا، ويبحث باستمرار عن الفحوصات والتأكيدات.
- النمط المتجنب: يتجنب زيارة الأطباء أو إجراء الفحوصات خوفًا من التأكد من المرض.
- النمط المختلط: يجمع بين الشك المستمر والتجنب.
- النمط المزمن: يستمر القلق لفترة طويلة مع تقلبات في شدته.
- النمط الحاد: تظهر الأعراض فجأة وتكون حادة لكنها قصيرة الأمد.
طرق تشخيص اضطراب التوهم المرضي
تشخيص اضطراب التوهم المرضي يتم من خلال تقييم نفسي دقيق يُجريه طبيب نفسي أو أخصائي صحة نفسية، بناءً على المعايير التشخيصية الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية DSM-5.
يُشترط لتشخيص المرض أن يكون القلق حول الإصابة بمرض خطير مستمرًا لمدة 6 أشهر على الأقل، مع غياب أعراض جسدية واضحة أو وجود أعراض بسيطة لا تفسر القلق الشديد.
يتم استبعاد الأسباب الطبية الحقيقية للأعراض، وكذلك الاضطرابات النفسية الأخرى مثل اضطراب الوسواس القهري أو اضطرابات الاكتئاب والقلق.
يستخدم الطبيب مقابلات سريرية، بالإضافة إلى استبيانات متخصصة لقياس مستوى القلق المرتبط بالصحة.
طرق علاج اضطراب التوهم المرضي
علاج اضطراب التوهم المرضي يركز بشكل رئيسي على الدعم النفسي والعلاج السلوكي، ويشمل:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): يساعد المريض على تغيير الأفكار الخاطئة والمبالغة في تفسير الأعراض، ويعزز تقنيات التعامل مع القلق.
- العلاج الدوائي: في بعض الحالات، يمكن استخدام مضادات الاكتئاب أو مضادات القلق لتخفيف الأعراض.
- التثقيف النفسي: شرح طبيعة الاضطراب للمريض وعائلته لزيادة الوعي وتقليل الخوف.
- تقنيات الاسترخاء والتأمل: للحد من التوتر والقلق النفسي.
- دعم الأسرة والمحيط الاجتماعي: لتعزيز الدعم النفسي والبيئة الصحية.
- تحديد مواعيد طبية محددة مع الطبيب لمنع المراجعات المتكررة غير الضرورية.
طرق الوقاية من اضطراب التوهم المرضي
يمكن تقليل خطر الإصابة باضطراب التوهم المرضي من خلال تعزيز الوعي الصحي والنفسي، والتعامل الصحيح مع المعلومات الطبية التي تصل للفرد.
تشجيع التفكير المنطقي والواقعي تجاه الأعراض الصحية، واللجوء إلى الفحص الطبي عند الضرورة فقط، يساعد على تجنب القلق المفرط.
كما أن معالجة اضطرابات القلق العامة أو الاكتئاب مبكرًا يمكن أن تقلل من احتمال تطور هذا الاضطراب. كذلك، دعم الصحة النفسية في البيئة الأسرية والمجتمعية، وتوفير مصادر موثوقة للمعلومات الصحية، تساهم في الوقاية.
ختامًا…
✔️ إذا كنت تجد نفسك تشعر بقلق مستمر وغير منطقي حول صحتك، أو تلاحق الأعراض وتخشى دائمًا وجود مرض خطير، فقد تكون هذه علامات اضطراب التوهم المرضي.
لا تترك هذا القلق يتحكم في حياتك — الدعم النفسي المبكر والعلاج الصحيح يمكن أن يُعيد لك حياتك وتوازنك.
المصادر المستعملة لكتابة المقال
منظمات دولية وهيئات طبية
- Hypochondria – meaning, symptoms and treatment | healthdirect
- Illness Anxiety Disorder (Hypochondria): Symptoms & Treatment
مصادر أكاديمية وطبية
- Illness anxiety disorder – Symptoms and causes – Mayo Clinic
- Illness Anxiety Disorder – StatPearls – NCBI Bookshelf
مقالات ومصادر متعمقة