
اضطراب الانسحاب الاجتماعي: أسبابه وطرق علاجه
الفهرس
- مفهوم اضطراب الانسحاب الاجتماعي
- أعراض اضطراب الانسحاب الاجتماعي
- أسباب اضطراب الانسحاب الاجتماعي
- أنواع اضطراب الانسحاب الاجتماعي
- طرق التشخيص اضطراب الانسحاب الاجتماعي
- طرق العلاج اضطراب الانسحاب الاجتماعي
- طرق الوقاية من اضطراب الانسحاب الاجتماعي
- المصادر المستعملة لكتابة المقال
- منظمات دولية وهيئات طبية
- مصادر أكاديمية وطبية
- مقالات ومصادر متعمقة
في عالم يتطلب منا التفاعل والتواصل باستمرار، قد يبدو غريبًا أن يفضل بعض الأشخاص العزلة ويتجنبون التفاعل الاجتماعي حتى في أبسط صوره. إلا أن هذا السلوك لا يكون دائمًا مجرد خيار شخصي أو طباع هادئة، بل قد يكون علامة على اضطراب نفسي يُعرف بـ اضطراب الانسحاب الاجتماعي.
اضطراب الانسحاب الاجتماعي هو حالة نفسية تؤثر على قدرة الشخص في التفاعل مع الآخرين، وتدفعه إلى تجنّب العلاقات الاجتماعية والانخراط المجتمعي. يتجاوز هذا الاضطراب حدود الخجل أو الانطوائية الطبيعية، ليصبح حالة مرضية تُضعف جودة حياة الفرد وتؤثر على دراسته، عمله، وعلاقاته الشخصية.
في هذا المقال، ستتعرف على المفهوم العلمي لهذا الاضطراب، وأعراضه، وأسبابه المحتملة، وأنواعه، وكيفية تشخيصه وطرق علاجه، إضافة إلى وسائل الوقاية منه. المقال موجه لكل من يبحث عن المعرفة النفسية المبنية على أسس طبية وعلمية، بأسلوب مبسّط يراعي نية الباحث في التعلم والفهم.
مفهوم اضطراب الانسحاب الاجتماعي
اضطراب الانسحاب الاجتماعي هو حالة نفسية تتميز بتجنّب الفرد المستمر للتفاعل الاجتماعي، والعزلة المفرطة عن الآخرين، بشكل يتعارض مع قدرته على عيش حياة طبيعية. يشعر المصاب عادةً بالخوف أو القلق الشديد من التواصل مع الناس، وقد يترافق هذا الانسحاب مع تدنٍّ في احترام الذات، أو حساسية مفرطة تجاه النقد والرفض.
يختلف هذا الاضطراب عن الشخصية الانطوائية الطبيعية، حيث يتسم الانسحاب الاجتماعي المرضي بأنه قهري ومؤلم للمريض، وقد يؤدي إلى إهمال الدراسة، العمل، أو حتى العلاقات الأسرية. وفي الحالات الشديدة، قد يتجنب الشخص الخروج من المنزل تمامًا أو الحديث مع أي شخص خارج أسرته.
يُعتبر هذا الاضطراب من الحالات النفسية التي قد تكون مرتبطة باضطرابات أخرى مثل الرهاب الاجتماعي، الاكتئاب، أو اضطرابات طيف التوحد، وقد يُطلق عليه في بعض الأحيان اسم “اضطراب التجنّب الاجتماعي” عندما يكون مرتبطًا بالخوف الشديد من التقييم الاجتماعي.
أعراض اضطراب الانسحاب الاجتماعي
تتنوع أعراض اضطراب الانسحاب الاجتماعي، لكنها تتلخص في نمط متكرر من تجنّب التفاعل الاجتماعي، والرغبة في العزلة، مع الشعور بالضيق أو القلق عند محاولة الانخراط مع الآخرين.
من أبرز هذه الأعراض:
يظهر المصاب ميلًا دائمًا للعزلة، ويفضّل البقاء وحده حتى في المواقف التي تستدعي الحضور الاجتماعي، مثل المناسبات العائلية أو الدراسة أو العمل. قد يشعر بتوتر مفرط عند التحدث إلى الآخرين، ويفترض دائمًا أن الآخرين يراقبونه أو يحكمون عليه.
كما أنه يواجه صعوبة في بدء المحادثات أو الحفاظ على العلاقات، ويؤثر ذلك على جودة حياته بشكل واضح. قد يُظهر أيضًا تجنبًا مستمرًا للأنشطة الجماعية، أو حتى رفضًا للمغادرة من المنزل. وفي الحالات المزمنة، تظهر عليه أعراض الاكتئاب، وانخفاض في تقدير الذات، وانعدام الثقة بالآخرين.
القلق الاجتماعي، فرط الحساسية تجاه النقد، والتوقع الدائم للرفض، من السمات المشتركة لهذا الاضطراب.
أسباب اضطراب الانسحاب الاجتماعي
تعود أسباب اضطراب الانسحاب الاجتماعي إلى مزيج من العوامل النفسية والبيولوجية والبيئية، ومنها:
- تجارب الطفولة السلبية مثل التنمر، الإهمال العاطفي، أو سوء المعاملة.
- تاريخ عائلي للقلق أو الاضطرابات الاجتماعية.
- اضطرابات القلق الاجتماعي التي لم يتم علاجها بشكل مبكر.
- الخوف من التقييم السلبي أو الإحراج أمام الآخرين.
- اكتساب أنماط سلوكية تجنبية منذ الطفولة.
- ضعف مهارات التواصل الاجتماعي أو عدم تلقي الدعم النفسي في مراحل النمو.
- المبالغة في نقد الذات وتضخيم الأخطاء الاجتماعية.
- عوامل وراثية تؤثر في تكوين الشخصية ومستوى القلق.
- خلل في النواقل العصبية مثل السيروتونين المرتبط بالمزاج والتفاعل الاجتماعي.
أنواع اضطراب الانسحاب الاجتماعي
يُصنّف اضطراب الانسحاب الاجتماعي إلى عدة أنواع أو أنماط بحسب الأسباب وشدة السلوك، وأهمها:
- انسحاب اجتماعي مرتبط بالرهاب الاجتماعي: يكون الدافع هو الخوف من الإحراج أو التقييم السلبي.
- انسحاب ناتج عن الاكتئاب: حيث يفقد المريض الرغبة في التواصل نتيجة للحزن واللامبالاة.
- انسحاب تجنّبي قهري: ناجم عن اضطرابات القلق الشديد أو اضطراب الشخصية التجنبية.
- انسحاب نتيجة اضطراب طيف التوحد: يظهر كصعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية والتفاعل.
- انسحاب ناتج عن صدمات نفسية سابقة: مثل فقدان أو خيانة أو تنمر حاد.
- انسحاب ثقافي أو بيئي: بسبب اختلاف اللغة أو البيئة أو الشعور بالاغتراب.
طرق التشخيص اضطراب الانسحاب الاجتماعي
يتم تشخيص اضطراب الانسحاب الاجتماعي من خلال تقييم نفسي شامل يجريه اختصاصي الصحة النفسية، يتضمن مقابلات سريرية ومقاييس نفسية لقياس مستوى القلق، والمهارات الاجتماعية، والاكتئاب المحتمل.
يشترط في التشخيص أن يكون الانسحاب الاجتماعي مستمرًا ومؤثرًا على الحياة اليومية للفرد، وليس مجرد سلوك عابر أو انطواء مؤقت. كما يجب التأكد من أن الأعراض لا تعود إلى أسباب عضوية أو اضطرابات نفسية أخرى.
قد يستخدم الأخصائي استبيانات مثل مقياس الخجل الاجتماعي، أو مقياس القلق الاجتماعي، لتحديد شدة الحالة. ويُراعى التفريق بين اضطراب الانسحاب الاجتماعي، واضطراب الشخصية التجنبية، واضطرابات التوحد الخفيفة، لما لها من أعراض متداخلة.
طرق العلاج اضطراب الانسحاب الاجتماعي
يُعالج اضطراب الانسحاب الاجتماعي من خلال مزيج من الأساليب النفسية والدوائية، وتشمل:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT): لتغيير الأفكار السلبية عن الذات والآخرين، وتعزيز مهارات التفاعل.
- العلاج بالتعرّض التدريجي: لتعويد المريض على المواقف الاجتماعية خطوة بخطوة.
- العلاج الأسري: لدعم الشخص داخل بيئته الاجتماعية وتغيير أنماط التواصل في الأسرة.
- العلاج الجماعي: لخلق فرص تفاعل آمن بين أشخاص يعانون من مشاكل مشابهة.
- العلاج الدوائي:
- مضادات الاكتئاب (SSRIs) في حالات القلق أو الاكتئاب المصاحب.
- أدوية مضادة للقلق بحسب الحاجة وتحت إشراف الطبيب.
- تدريب المهارات الاجتماعية: عبر تمارين وسيناريوهات تحاكي المواقف الواقعية.
- العلاج النفسي العميق: إذا كان هناك تاريخ من الصدمات أو مشاكل الطفولة.
طرق الوقاية من اضطراب الانسحاب الاجتماعي
تكمن الوقاية من اضطراب الانسحاب الاجتماعي في تعزيز الثقة بالنفس والمهارات الاجتماعية منذ الصغر، وتوفير بيئة داعمة في الأسرة والمدرسة تحترم الفروق الفردية وتُشجّع على التفاعل الآمن.
كما أن التعامل السليم مع الضغوط النفسية والمواقف الاجتماعية المحرجة، وتوفير الدعم النفسي المبكر للأطفال والمراهقين المعرضين للتنمر أو العزلة، يُعد من أهم عوامل الوقاية.
التدخل المبكر في حالات الخجل الزائد، أو القلق الاجتماعي، يمنع تطور الحالة إلى اضطراب مزمن. كما يُنصح بتشجيع المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية التي تعزز الإحساس بالانتماء والثقة.
ختامًا…
إذا كنت تشعر أن العزلة أصبحت وسيلتك الوحيدة للهروب من التفاعل الاجتماعي، أو لاحظت على أحد أحبّائك تجنّبًا مستمرًا ومؤلمًا للناس والمواقف الاجتماعية، فقد تكون هذه علامات اضطراب الانسحاب الاجتماعي. لا تستهين بهذه الإشارات — العلاج النفسي يمكن أن يُعيد لك القدرة على التفاعل والاندماج بثقة.
المصادر المستعملة لكتابة المقال
منظمات دولية وهيئات طبية
- Family Features of Social Withdrawal Syndrome (Hikikomori) – PMC
- Social Withdrawal and Its Early Warning Signs